منظمة الشباب الإصلاحي
الرئيسية | مدونة | التسجيل | دخول
 
السبت, 2024-05-18, 9:28 PM
أهلاً بك ضيف | RSS
قائمة الموقع
طريقة الدخول
بحث
الرئيسية » 2011 » أبريل » 24 » المعارضة التونسية: نشأتها وتطورها - توفيق المديني
8:36 AM
المعارضة التونسية: نشأتها وتطورها - توفيق المديني
الفصل الثالث عشر - ظهور الإسلاميين التقدميين مع اشتداد حركة الصراع الاجتماعي

1 - نضج الخلافات الفكرية داخل الحركة الإسلامية‏

مع اشتداد حركة الصراع الاجتماعي والنقابي في المجتمع، وخاصة مع انفجار الأزمة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحزب والحكومة، التي توجت بانتفاضة 26 كانون الثاني جانفي ) 1978، لم يعد ممكناً أن تظل الإيديولوجية الإسلامية السلفية هي وحدها القبة الكبيرة التي تجمع تحت سقفها كل المثقفين للحركة الإسلامية تحت عنوان " العودة إلى مجتمع السلف‏

الصالح ".‏

التحولات الاجتماعية الكبرى التي عرفتها تونس في تلك الحقبة، وبروز الاتحاد العام التونسي للشغل بمنزلة الحزب السياسي المعارض الأول في البلاد يناطح السلطة، أضفيا النزعة السياسية المتزايدة على الحركة الإسلامية، التي ركبت موجة الصراع الاجتماعي والسياسي المحتدم.‏

وكان لهذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم جداً تأثير عميق في اشتباك الحركة الإسلامية مع معضلات الواقع التونسي السياسية. فقد اتسم الوضع السياسي التونسي منذ مطلع الثمانينات باندلاع أحداث فقصة العسكرية 1980، التي أطاحت برئيس الحكومة الهادي نويرة الذي أصيب بشلل نصفي مما اضطر الرئيس الحبيب بورقيبة أن يستبدل به محمد مزالي في أوائل نيسان عام 1981، الذي واجه ثلاثة ملفات ضخمة : سياسية واقتصادية واجتماعية. منها الانخفاض المتواصل لنسبة النمو الاقتصادي الذي بات يهدد السلم الاجتماعي، وبقاء العديد من القياديين النقابيين في السجن، الذي بات يطرح شرعية القيادة المنتخبة في مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل بقفصة عام 1981، ومحاكمة قيادة حركة الاتجاه الإسلامي في تموز عام 1981، وانعكاساتها على الصعيدين السياسي والأمني.‏

وقد أصدرت الحركة ما يؤكد طغيان الجانب السياسي على الجوانب الأخرى مجلة المجتمع في أواخر 1979، ومجلة " الحبيب " بداية من تموز 1980، اللتين عكستا الخط السياسي للحركة الإسلامية السلفية. آنذاك حددت الصراع الاجتماعي إيديولوجياً وسياسياً وتنظيمياً، حيث يكون الشكل السياسي - الديني، هو الشكل الرئيسي الذي تجري فيه حركة الصراع الاجتماعي باعتباره صراعاً موجهاً ضد القوى الشيوعية والقومية والديمقراطية بالدرجة الأولى، خصوصاً أن هذه القوى تلعب دوراً رئيساً وقيادياً في النضال النقابي والديمقراطي، وهو صراع أيضاً على السلطة في الوقت عينه من أجل تأسيس نمط من الدولة الدينية، لأن الدين في منظور الحركات الإسلامية الأصولية، هو الذي يحكم منطق التاريخ ويحركه.‏

بداية الاشتباك مع معضلات الواقع التونسي المرير، وما يتطلبه من تقديم أجوبة مقنعة منطقية وتاريخية، والحرب المفتوحة مع الحركة اليسارية، أسهما إلى حد كبير في طرح الأسئلة الكبيرة داخل الحركة الإسلامية الأصولية. فبدأت الأسئلة تنزرع وتنبت على صفحة الموجة الإسلامية.‏

وبدأت القطيعة بين حميدة النيفر والجماعة الإسلامية منذ عام 1977 عندما حاول نشر مقال بمجلة " المعرفة "، وكان آنذاك رئيس تحريرها، يتضمن دراسة نقدية لتجربة الأخوان المسلمين، لكنه فوجئ بسحب مقاله من المطبعة دون علمه (1) . وكان ذلك إيذانا باستحالة التعايش بينه وبين رفاقه فاستقال من التنظيم والمجلة معاً. يقول النيفر " اعتبرت بعض كتاباتي بمجلة المعرفة خروجاً عن الخط الرسمي للتنظيم وبخاصة فيما يتعلق بتقييم الحركات الإسلامية بالشرق، وبالخصوص حركة الأخوان المسلمين، والجماعية الإسلامية بالباكستان. كما اعتبرت مقالاتي بمثابة نشر غسيل الحركات الإسلامية، وكان من المفروض في نظرهم أن تتم إثارة هذه الجوانب النقدية في إطار ضيق وليس على صفحات الجرائد ". لكن الأسباب العميقة لخروج النيفر ومجموعته تتعلق أساساً برفض الانتماء التنظيمي لأي حركة خارج البلاد وكذلك التباين الكبير في العديد من المسائل الفكرية و السياسية مع الجماعة الإسلامية، إنه يقول : " فدعوتنا هي الانتماء إلى إسلام تاريخي لا فوق التاريخ وبالتالي يمكن أن يكون لنا انتماء خاص بنا يقطع مع تجارب سابقة كتجربة الأخوان، وهو ما كنت أعتقده في تلك الفترة، والذي كان أحد أسباب خروجي من التنظيم ".(2)‏

وحتى لا تتسع دائرة الانشقاق قررت الحركة الإسلامية إسناد رئاسة تحرير " المعرفة " لصلاح الدين الجورشي، وهي تعرف الصلات الوثيقة التي تربطه بالنيفر، وكانت تعتقد أن هذا الموقف يجنبها خروج مجموعة أخرى كانت تتهيأ لمغادرة الحركة، وهي الخلية التنظيمية بتونس العاصمة، ويبرر الجورشي تأخر انسحابه من التنظيم برغبته في الإصلاح من الداخل. ويقول : " تأخر انسحابي قليلاً مما كان يسمى بالجماعة الإسلامية، ويعود ذلك إلى اعتقادي بأن إحداث تغييرات فكرية وهيكلية من داخل الحركة يكون أفضل من الخروج عنها والانقطاع كلياً عن دوائر التأثير فيها. وبعد خروج حميدة النيفر تحملت مسؤولية رئاسة تحرير " المعرفة " في 1977، وكان ذلك بتشجيع من مجموعة داخل الحركة كانت تأمل في الإصلاح. غير أن كل المحاولات التي بذلناها باءت بالفشل، وفوجئنا بنوع من الحركة الانقلابية حيث تمت إزاحتي عن رئاسة التحرير في أواخر 1978 بطريقة لا أخلاقية ولا قانونية وبدون إعلامي، إذ فوجئت بحذف اسمي من المجلة بعد صدور العدد. ومن جهة أخرى تمت إزاحة المسؤول عن الهيكل التنظيمي بالعاصمة منصف القلعي لتعاطفه معنا وتعويضه بنجيب العياري. وتم ذلك بطريقة غير ديمقراطية وغير مؤسساتية.‏

وقد كان وراء عملية إبعادي من " المعرفة " وحل الهيكل التنظيمي بالعاصمة المكتب التنفيذي وأساساً الغنوشي وصالح كركر، ثم دعم هذا الموقف من بقية عناصر المكتب التنفيذي أي الفاضل البلدي وخاصة عبد الفتاح‏

مورو"(3) .‏

لم تكن الحركة الإسلامية التونسية في بداياتها مهيأة لفيضان الخلافات ذات الطابع الفقهي، التي تطرح أسئلة عقلانية حول ضرورة محاربة العقلية الحرفية، دون الطعن في مشروعية النص وإسقاط مرجعيته، والتي تتطلب خوض عملية الإصلاح من الداخل، وكانت الأزمة التي تعيشها الحركة الإسلامية أعمق من مجرد استعارة أشكال في التنظيم والتربية أو استهلاك غير واع لأدبيات "الاخوان"، لقد أخذت الثقافات تمتد وتغوص إلـى أن لامست أسس الفكر الديني السائد منذ قرون.‏

ومن هنا جاء ذلك التركيز على نقد " الخطاب السلفي " حاضراً وماضياً، وتحميله مسؤولية التردي الفكري والسياسي. والسلفية التي انتقدت تبدأ من مرجعيات الحركة الإسلامية المعاصرة حسن البنا، سيد قطب، المودودي ) لتصل تاريخياً إلـى المدرسة الأشعرية والسلسلة الموصلة بالشيخ ابن تيمية، دون إغفال تأثيرات الغزالي والمنهج الحنبلي، ودون أن يتناقض ذلك مع إعادة الاعتبار لرموز النهضة الحديثة من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده إلـى عبد الرحمن الكواكبي. هذه الرموز التي حاول الأدب الإخواني دفنها والتشكيك في قيمتها التاريخية ومشروعيتها في الإصلاح، بالرغم من أنها لم تقطع تماماً مع الفضاء السلفي، وإن أضفت عليه أبعاداً تحديثية هامة (4) .‏

وكان قد تبلور داخل هذه الموجة تياران رئيسيان متنافران في النصف الثاني من السبعينات.‏

ارتبط التيار الأول بتنظيرات مصادر الحركة الإسلامية الأصولية في العمل الإسلامي، والتي قادتها: حسن البنا وسيد قطب وأبو الأعلى المودودي وباقر الصدر والخميني. وبهذا تشكل الحركة الإسلامية التونسية في نظر مناضليها امتداداً في الزمان والمكان لتجارب هؤلاء القادة. ولا يؤثر التباس مفهوم " الأمة " الإسلامي الذي يعني في الوقت عينه جماعة قومية وطائفة على الطابع المتجاوز للقومية العربية في كل حركة إسلامية. فـ " الطابع الشمولي " للإسلام يقود إلى منظور كوني للخلاص كما يقول المودودي: إن الإسلام نافع في كل زمان ومكان، أثبت الماضي حيويته، والحاضر أيضاً، وهو سيظل كذلك إلى الأبد. إن المسألة تتعلق ببساطة، بقدرة شعب يحيى على هذه الأرض على اعتناقه بكامله ". وكان البنا يعتبر أن جميع المسلمين آثمون ما دامت الدولة الإسلامية غير محققة أطروحات المؤتمر الخامس للإخوان المسلمين ).‏

البنا والمودودي والخميني هم أقطاب هذا النشاط الشرعي والضروري والمخلص للإسلام والمسلمين وللإنسانية، وبرغم من بعض التحفظات على نشاط الأولين، فإن تأثير فلسفتهما السياسيتين(5) على كوادر الحركة الإسلامية في تونس كان حاسماً. وقيام الحكم الإسلامي في بلدين، الباكستان وإيران يدعم اختيارهما هذا. يتكشف بوضوح أن بين هذه الحركات الثلاثة في الإسلام الحديث ثمة نقاط التقاء ووحدة عديدة بين التجارب والجهود... التباين يكشف عن كونه تكاملاً، التعددية وحدة وإثراء التجربة الإسلامية الحديثة بهدف إنقاذ مصير الإنسانية المهددة (6) .‏

وباستلهامهم حسن البنا الذي كان يقول " الإسلام نظام كامل يشمل جميع جوانب الحياة، فهو دولة ووطن، أو حكومة ومجتمع، خلق وقوة، أو صرامة وعدالة، ثقافة وقانون، أو علم وحكم، مادة وثروة، أو كسب وغنى، نضال وقضية، أو جيش وفكرة، كما أنه الإيمان الصادق والتقوى الصحيحة... في رسائل الإمام حسن البنا )، قام المناضلون الإسلاميون في تونس بتعميم صرامة حكمهم. الإسلام ينظم جميع جوانب الحياة، وإذن فعلى المسلمين أن يتمثلوا لرسالته حرفياً. وتستند هذه الصرامة في الحكم على مفهوم مانوي وازدواجي للتاريخ" التاريخ نضال بين الإيمان والكفر في جميع الجوانب بلا استثناء. إنه النضال بين الإيمان الصحيح والكفر الوافد على الروح الإنسانية والمتطفل على الوجود بكامله " (7) .‏

أما التيار الثاني فهو يعارض مسألة تحويل الجماعة الإسلامية إلى حزب أو حركة سياسية، مفضلاً إبقائها دون أطر تنظيمية والاكتفاء بها تياراً ثقافياً - جماهيرياً. تقول وثيقة صادرة عن هذا التيار الثاني في أواخر سنة 1985 بعنوان" قراءة من الداخل لواقع العمل الإسلامي " : " إنه بدأ يبحث عن البعد الاجتماعي للإسلام وصوب أدواته لنقد فكر الإخوان المسلمين ومشروعهم كمدخل رئيسي لقلب رؤية الفرد والمجموعة وزرع الشك المنهجي في التراث المرجعي للحركة".‏

وتتابع الوثيقة شارحة ظروف تبلور هذا التيار، فتقول :" مع وقوع هزة 26 يناير 1978، ووصول الأصداء الأولى للثورة الإيرانية وصدور الأعداد الأولى من مجلة" المسلم المعاصر " تطورت الأسئلة ونضجت نسبياً الخلافات مع المدرسة الإخوانية. فعجزت الأطر التي كانت متحكمة في أجهزة الجماعة التنظيمية عن أن تستوعب التطورات والتحولات أو أن ترسي حواراً جدياً في الداخل أو عبر مجلة " المعرفة " الإدارة الإعلامية للحركة مما أدى إلى انسحاب جماعي من الحركة وتكوين نشاط مستقل عرف بعد ذلك بمجموعة الإسلاميين التقدميين، لكن الجسم الأصلي لم يقدر أن يعيد الاستقرار النظري والتنظيمي الذي كانت المؤسسة الحركية تجهد نفسها لتحقيقه إثر عملية الانشقاق، لأن العوامل الموضوعية بدأت تفرض نفسها تدريجياً وبدأت العناصر في الداخل تزداد تساؤلاتها وتتسع، هذه العوامل الموضوعية التي تتحدث عنها الوثيقة. لكن سرعة التقلبات السياسية والاجتماعية في غروب السبعينات حملت قيادة الحركة الإسلامية على الانخراط في العمل السياسي المباشر، فأصدرت مجلة " المجتمع " الأسبوعية السياسية والتي تم تعطيلها بعد صدور بضعة أعداد منها، وتحولت الخطب الوعظية في المساجد إلى خطابات سياسية تطالب بإقامة الدولة الإسلامية.‏

وبسبب الخلافات المتصاعدة بين ممثلي كلا التيارين داخل الحركة الإسلامية، فقد أدى ذلك في العام 1978 إلى خروج مجموعة حميدة النيفر الذي كان يرأس تحرير مجلة" المعرفة " الإسلامية، إلى جانب صلاح الجورشي وكلاهما كان ممثلا لاتجاه المعارضة في تحول الحركة الإسلامية إلى حركة سياسية، فيما حسم الجسم العام للتيار الإسلامي لصالح راشد الغنوشي الزعيم والداعية لتسييس التيار الديني وجعله منظمة سياسية (8) .‏

وسجلت أكثر انسحابات هذه المجموعة من الحركة الإسلامية الأهم خلال سنة 1978، ومنذ أواسط سنة 1980 برزت مجموعة سمت نفسها " الإسلاميون التقدميون "، باعتبارها تياراً فكرياً مستقلاً وقائماً على أرضية نظرية واضحة صيغت في لوائح ثلاث فكرية واجتماعية واقتصادية، وهو عمل ينجز لأول مرة في تاريخ الساحة الإسلامية التونسية. وانعقد المؤتمر التأسيسي للإسلاميين التقدميين في تموز 1980. وخلال هذه المرحلة الانتقالية أي ما بين 1978 - 1980 والتي سميناها بمرحلة النادي الثقافي، كان هناك شكل تنظيمي يؤطر عمل المجموعة، وهذا الهيكل التنظيمي هو الذي كلف بالإعداد للمؤتمر التأسيسي. وخلال هذه الفترة كانت المبادرة في النشاط بيد لجنة الطلبة المنشقين في الحركة، ولم يقع إشراك النيفر والجورشي، إلا في فترة لاحقة وهو ما يعبر عن خوف هذه المجموعة من هيمنة الحركة الإسلامية من جديد على تنظيمهم خصوصاً أن النيفر كان نائباً للأمير والجورشي رئيساً للتحرير بمجلة " المعرفة " إضافة إلى ما يعرف عن عناصر الجامعة من رغبة في الاستقلالية وميل إلى الطرح الراديكالي في كل القضايا(9) .‏

وكان التيار الثاني أي " الإسلاميون التقدميون " الذي كان يتزعمه حميدة النيفر يطرح توجهاً عقلانياً في الفكر الإسلامي ناقداً بذلك الإطار المعرفي والمرجعي السلفي، ومتحفظاً على تزايد الحضور الإيراني داخل الفضاء الإسلامي المحلي. وكانت مجموعة الإسلاميين المستنيرين تؤاخذ التيار الأول أيضاً على اندفاعه نحو العمل السياسي قبل حل المعضلات النظرية التي يطرحها العمل الإسلامي وإيجاد الإدراك السليم لكل التحديات وربطها ببعضها البعض ربطاً منهجياً، إلا أن التيار ظل أقلية وعجز عن تغيير المعادلات داخل الحركة الإسلامية خصوصاً في فترة المد الإسلامي التي بلغت ذروتها في عام1981.‏

أما لماذا وقع اختيار تسمية " الإسلاميون التقدميون " وليس اليسار الإسلامي مثلاً، يقول مرجع من هذا التيار أن مرد ذلك ليس رفض مصطلح اليسار من الناحية المبدئية، إذ لا يوجد مانع حركي ولا شرعي من استعماله، لأنه مصطلح دافع عنه إسلاميون لا يطعن في أصالتهم لدلالته على الجذرية والمعارضة والتغيير نحو الأفضل ومواجهته الاستبداد السياسي والاستغلال الطبقي وعدم التمييز بين الجنسين، وكل تلك المواصفات مطلوبة بالضرورة في إطار التوجه التقدمي. إلا أن مصطلح اليسار عندما التصق بالتجارب الماركسية الفاشلة، ولوثته الممارسات المتخلفة، فأفقدته الوضوح، وأربكت دلالته الثورية. لهذا لم يقع اعتماده تجنباً للبس، وتفويتاً للفرصة على دعاية مضللة حاولت إضفاء مسحة ماركسية على الخيار. وحرصاً في الأخير على إعطاء الأولوية للصفة الإسلامية على الوجهة التقدمية، فجاءت تسمية " الإسلاميون التقدميون " كلافتة أقوى دلالة في مرحلة تعج بالتناقضات وتتميز بالفقر الدلالي وتهاوي الشعارات (10) .‏

انعقد المؤتمر التأسيسي والوحيد لجماعة " الإسلاميين التقدميين " في أواخر تموز 1980 بمنزل أحد أعضاء المجموعة بمنزل تميم من محافظة نابل، وذلك بهدف إعطاء هذه المجموعة صفة تنظيمية شرعية، خاصة أن الظرفية كانت تسمح بالانتشار حيث أعطت الثورة الإيرانية نفساً راديكالياً للطلبة الإسلاميين بالجامعة. وقد تواصلت أشغال المؤتمر مدة يومين وترأسه زياد كريشان، ويقول هذا الأخير بشأن المؤتمر : " انعقد المؤتمر التأسيسي يومي 24 - 25 تموز 1980، لتحديد أرضية العمل والأهداف والنشاط، ومنذ ذلك الحين دخلنا في عمل تنظيمي فيه مساهمة مادية للأعداد. وانعقد المؤتمر باعتباره المسؤول عن الهيئة التنفيذية. وقد ناقشنا في هذا المؤتمر خطة العمل وصادقنا على لائحة وحيدة سميناها اللائحة المستقبلية التي تم إعدادها قبل المؤتمر بشهرين وتتضمن موقف التنظيم من عديد القضايا العقائدية و السياسية و الاقتصادية والاجتماعية وهي تحتوي على 27 صفحة، كما تم انتخاب القيادة الجديدة للتنظيم " والمعلوم أن هذا المؤتمر حضره الأفراد الملتزمون كريشان والجورشي وبقية المجموعة ما عدا حميدة النيفر(11) .‏

يقول الشيخ راشد الغنوشي بصدد انفصال مجموعة النيفر عن الحركة ما يلي: إن هذا الانشقاق تم في منعطف لتطور الحركة الإسلامية في تونس. بعض أجزاء هذا الجسم خلال منعطف التطور ذهبت شظايا، ولم تتمزق الحركة،وإنما فقدت بعض عناصر مهمة فيها. تقديرنا أن هذه العناصر لم تصبر على ضرورات التطور...الحركة كانت بصدد أن تتطور من حركة، تستطيع أن تقول مستوردة، جسم أجنبي مزروع في المجتمع التونسي إلى حركة تونسية. خلال مرحلة التطور هذه بعض الشظايا، بعض الأجزاء انقلبت من الجسم. الجسم لم يستطع أن يحافظ عليها، وهي لم تستطع أن تصبر على ضرورات التطور، وأصبحت تزايد عليه وتسرف في اتهامه وتتحداه. هذا التحدي كان له مفعول إيجابي... هذا التحدي الذي مارسته هذه العناصر للجسم كان له دور في تطويره... كانت التهمة أنه لا يتطور، فكان لابد للجسم أن يثبت العكس... هذا ساهم في تطوير الجسم، لكن من جهة أخرى لم تقف هذه العناصر عند حد حيث أن التطور في إطار هذا الجسم انضبط بحدود ما تطبقه النصوص. وما يطبقه منهج تفسير النص الإسلامي الذي تواطأ عليه المسلمون، وخلاصته أن التطور ينبغي أن يتم في إطار المعلوم من الدين بالضرورة. فما هو ثابت نصاً يقيناً، ما هو يقيني في مورده واضح في معناه من النصوص لا نملك أمامه إلا التسليم ... يمكن أن لا نطبق بعضه في الآن لأن ظروف التطبيق غير متوفرة، ولكننا لا نستطيع أن نحوله عن اتجاهه. ولا فائدة هنا في ضرب بعض الأمثلة القليلة في هذا الصدد للتدليل على فساد هذا المنهج. لأن المنهج البديل أن نعطي لعقولنا إمكانية التحرر من النص بتخريج مقاصدي، أن النصوص كلها جاءت لتحقيق مقاصد...هذا في النهاية يلغي سلطة النص...يلغي سلطة الوحي. فهنا على هذا افترقنا. ضرورات التطور لم تكن تقتضي الانشقاق، كانت تقتضي الاختلاف، وكان الاختلاف يمكن أن ينمي الحركة دون أن يحدث فيها انشقاقاً. هؤلاء الأخوة - فسّرت أنا _ تحت ضغط الواقع العلماني وتحت ضغط الواقع العلماني التونسي وهو ضغط غير يسير، ومارس عليهم وعلينا، ولا يزال يمارس ضغوطاً شديدة رهيبة. تحت ضغط هذا الواقع العلماني وتحت ضغط الواقع الأمني...تحت ضغط المناكفات الشخصية أيضاً، وهذه العوامل أيضاً ليست مبرأة، خسرت الحركة عدداً من عناصرها الأساسية والتي كان لها دور في التأسيس وفي التطور...فأن تتخذ المنهج المقاصدي أساساً للتجميع ستنتهي لا إلى جماعة واحدة وإنما تنتهي إلى جماعات. فالعقول مختلفة وتتباين وفي النهاية لا تستطيع أن تؤسس جماعة غير دينية أصلاً ولكن أن تؤسس جماعة دينية بمنهاج تفسيري للنصوص لا ينضبط بضوابط منهج تفسير النصوص، في النهاية حتى لو جمعت الناس ستجمعهم في حركة علمانية وليست حركة دينية. فهذه الظاهرة أيضاً ظاهرة مركبة أثمرتها تفاعل الحركة الإسلامية مع واقعها التونسي (12) .‏

أما مجموعة" الإسلاميين التقدميين" فهي تقدم مفهوماً تقدمياً للإسلام، وتقدم تحليلاً مختلفاً للتدين الشعبي. إنها تقر بالطابع السماوي للإسلام، ولكنها تعد هذا التدين الشعبي" ظاهرة اجتماعية وإنسانية". إنها " ظاهرة اجتماعية ونفسية " لا يمكن تحليلها خارج " الإطار التاريخي لانحطاط المجتمع الإسلامي بصورة عامة، والمجتمع التونسي بصورة خاصة". التدين الشعبي يحمل آثار هذا الانحطاط وفشل المشاريع الإصلاحية التي قامت بها الدول الإسلامية حتى المرتبطة بالغرب )." هذا الفشل يشجع على ولادة استعداد كبير للرجوع إلى الدين لدى شرائح عريضة من مجتمعنا المنتمية عموماً إلى الطبقة الوسطى والمعدمة، وإلى البحث عن إيمان وعن إيديولوجيا تنظم نضاله ضد المستغلين".‏

وبينما كان التيار الأول يهيمن على خطابه الإسلامي النزعة الحصرية الشمولية، وإحالة المجتمع متطابقاً مع صورة " الإسلام الصافي "، كان الإسلاميون التقدميون يدعون إلى تفسير الإسلام وإصلاح الفكر الإسلامي ليستجيب بنحو أفضل لمستلزمات الحياة الاجتماعية الحديثة.‏

في " اللائحة المستقبلية " التي أقرها المؤتمر والتي تعبر عن رؤية التنظيم لمختلف القضايا وعن برنامج هذه المجموعة، يمكن حوصلة الأفكار الواردة في هذه اللائحة في الجانب السياسي، فنجد تأكيداً على ضرورة إقامة دولة المستضعفين على أنقاض دولة المترفين. وتتميز هذه الدولة بالتسيير الذاتي وإقرار الحريات الحقيقية وتركيز حكومة مدنية : " إن الدولة بمفهومها الكلي لابد أن تتحلل وتتجزأ فالحواجز القائمة بين إرادة الجماهير وبين مراكز التنفيذ، لا بد أن تزول ولا يحصل ذلك، إلا بتفتيت الدولة وتوسيع دائرة القرار حتى يشمل القاعدة العريضة، فلابد إذن من لا مركزية السلطة، ونحن نعتقد أن التسيير الذاتي للمؤسسة السياسية والاقتصادية والثقافية، هو الأسلوب الأضمن لذلك، فينصهر الشعب كل الشعب في مجالس، فتوجد مجالس للقرى ومجالس للمدن ومجالس للمؤسسات العامة ومجالس للطلبة وللمثقفين وكل القطاعات(13) . وتؤكد اللائحة كذلك على ضرورة الفصل بين السلطات وحرية الانتماء السياسي والتدين وتنفي على الحكومة المدنية أي صفة قدسية دينية، كما أنها لا تسمح لأي فرد وأي مؤسسة أن تنصب نفسها ناطقاً رسمياً باسم الإسلام(14) .‏

" الإسلاميون التقدميون " لا يترددون عن استعارة مفاهيم ونظريات من الإيديولوجية الماركسية والاشتراكية. ويريدون تجاوز"العدوانية المرضية لبعض المناضلين الإسلاميين " إلى الماركسية. إنهم يقدمون أنفسهم باعتبارهم حماة الفكر الإسلامي يراجع الفكر الإنساني والمناضلون الإسلاميون "في جريدة الرأي " 6/11/1981 ). وهم ينتقدون هنا رفض الإسلاميين للماركسية ويعتبرونه امتداداً للبعد الرجعي للتراث كما يلقون جانباً من المسؤولية على " الماركسيين الدوغمائيين " الذين يجهلون هوية الأمة.‏

هذه القراءة الجديدة للإسلام تطرح مشاكل على التفكير الإسلامي التقليدي، تتعلق المسألة الأساسية الأولى بمعنى " الحكم باسم الإسلام ". إن الإسلاميين التقدميين يرفضون وجهة نظر المودودي الداعية إلى " انتزاع كل سلطة تشريعية وقيادية من أيدي البشر لأنها تنبع من الله وحده"(15) . ويقدمون اختيارات أكثر تطابقاً مع نظريات السيادة الجماهيرية الرأي19/11/1981 ). الإسلام السماوي الأصل، هو رؤية شاملة للحياة والكون والمجتمع، والقرآن تعبير عن هذه الرؤية،في حين أن الفكر الإسلامي هو " محاولة فهم محتوى الإسلام ومبادئه القرآنية في واقع اجتماعي محدد يسمح بالحرية المشخصة..." " الانتماء للأول واحترامه يجيزان الحرية للثاني ". هذا النص يلخص التجديدات المنهجية والنظرية لهذا التيار، وهي ترتبط بتفكير د.حسن حنفي حول الموضوع ذاته، أو أفكار الحاج جايت ورؤيته الإجمالية. ويمكن هذا التمييز من إيجاد مخرج لما كان يبدو كتناقض بين الواقع الحديث والوحي القرآني.‏

يذهب التحليل أبعد من ذلك، ويحاول تقديم تصور تقدمي للإسلام و"نحو تصور تقدمي للإسلام" " الرأي 20 / 11 / 1981 "، تجد هنا تشكيكاً بوجود موديل للمجتمع الإسلامي. فكل مجتمع لا يمكن له أن يكون إلا تاريخياً ومشخصاً، ولا يمكن اعتبار أي مجتمع إسلامي موديلاً مثالياً أو صادراً من الله. الخصائص الإسلامية لكل مجتمع هي ثلاث إنها موضع وسياق وإعداد وتطبيق القوانين المستلهمة من الشريعة لحاجات المجتمع المعني، وهي ذات طبيعة إنسانية، يتمكن الإنسان فيها من التفتح الكامل كـ " شخص معنوي " وهي أخيراً اجتماعية. فالطموح الجماعي هو الذي يحدد تطور المجتمع ). إننا بعيدون هنا عن المجتمع الإسلامي في تصوره الكلاسيكي الضعيف.‏

هذا الأساس النظري لمجتمع إسلامي تطوري يوجه التفكير نحو وجهة معاكسة لتيار الإسلام الأصولي. فبدلاً من تنقية الإسلام والمسلمين من كل ما هو غريب عليهم، المطلوب هنا هو " توحيد" المجتمع مع " الشريعة "، بحيث يكون كلاهما المجتمع والشريعة ) مفتوحين على تطور يأخذ بعين الاعتبار بحاجات التنمية، ومتحررين من العناصر الرجعية والمنغصة النابعة من الداخل أو الخارج.‏

وهذا المجهود في البحث والتكيف يكشف بذاته عن أزمة داخل الفكر الإسلامي السياسي. ويعترف الجورشي بأن المسلمين يسمون القائد السياسي بأسماء عديدة، إنه "الحاكم" و"الإمام" و "خليفة الله" و "الملك" و "أمير المؤمنين". ولهذا يقر المؤلف بضرورة استعارة بعض المفردات من الفلسفة السياسية الحديثة تكييف لا تلفيق "الرأي" 25/ 11 / 1981 ).‏

غير أن الجدل ومحتواه ضيقان في الواقع بسبب القمع المسلط على التيار الأكثري أي راشد الغنوشي ). وقد أصدر الإسلاميون التقدميون مجلة تحمل الاسم الكاشف التالي: "15/21" والمقصود بالطبع القرن الخامس عشر الهجري والقرن الواحد والعشرين الميلادي) وبقيت تمثل الواجهة الرئيسية لهذا التيار المستنير. وحصل الإسلاميون التقدميون على الترخيص القانوني لمجلتهم في حزيران 1982، وصدر العدد الأول في أول نوفمبر من العام ذاته وقد صدر حتى الآن 22 عدداً طيلة الفترة الممتدة من 1982 ولغاية 1991. لقد بلور " الإسلاميون التقدميون " نصاً يمثل مقدمات نظرية تشكل بالنسبة إليهم الحد الأدنى الذي يجمعهم ويوحد نظرتهم للإسلام عقيدة وحضارة، وفي ضوئه يؤسسون اجتهادهم ونضالهم من أجل اكتساب وعي كوني وتاريخي.‏

أما عن خطة العمل لهذا التنظيم بعد المؤتمر، فيقول زياد كريشان بهذا الصدد : " بعد المؤتمر أصبحنا نتصرف كتنظيم فأصبحت لنا مواقف من العديد من المسائل مثل موقفنا من حركة الاتجاه الإسلامي، ومن السلطة. رغم أنه لم يكن همنا مواجهة السلطة، لأن ذلك لم يكن مطروحاً فنحن بطبعنا معارضون للسلطة بصفة راديكالية، لكن همنا الوحيد هو التفكير في التوسع والانتشار التنظيمي، دون أن يعني ذلك التقليل من المجهود التنظيري الذي نعتبره هو الأساس والذي من أجله بعث هذا التنظيم، فنحن لسنا حركة سياسية بالمعنى العريض السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي والعقائدي، نريد تبليغه لأوسع ما يمكن من الشرائح الاجتماعية (16) .‏

2 - مضمون الخطاب الإسلامي التقدمي‏

لعبت مجلة "15/21" دوراً مهماً في تأسيس خطاب إسلامي تقدمي طيلة عقد الثمانينات، ونشرت عدة دراسات لإسلاميين ولغيرهم. لكن هذه الدراسات تفتقد أحياناً للدقة والعمق بسبب حداثة التجربة الفكرية والتنظيمية لعناصر هذا التيار، وبسبب طبيعة ونوعية الدراسات الخاصة بالفكر الإسلامي المستنير، كان المختصون والباحثون الجديون فيها، قلةً، منهم: محمد أركون، وهشام جعيط، وعلي حرب ومحمد الجابري وحسن حنفي. ومع صدور المجلة في عام 1982 بدأت الخلافات تتسع داخل مجموعة " الإسلاميين التقدميين " حول العديد من المسائل الفكرية والتنظيمية (17) .‏

يقول زياد كريشان أن من أبرز نقاط الخلاف، ما يتعلق بمسألة التغيير في المجتمع، هل يتم تغيير المجتمع عن طريق ثورة شعبية أو ثورة مسلحة أو بطريقة سلمية(18) .‏

وكان الراديكاليون داخل التنظيم ينتقدون صلاح الجورشي لانخراطه بالهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منذ عام 1981، ولقيامه بدور الوساطة للإفراج عن مساجين حركة الاتجاه الإسلامي في الفترة 1983 - 1984. ويصنف هؤلاء الراديكاليون صلاح الجورشي باليميني وحميدة النيفر بالوسطي المهادن.‏

واتسعت دائرة الخلاف داخل مجموعة " الإسلاميين التقدميين " بسبب طرح مسألة نقد المعتقدات وهو ما اعتبر عند البعض تجاوز للخطوط الحمر. وقد تطور نقد الجانب العقائدي حتى أن بعضهم لا يرى جدوى في القيام بالفرائض الدينية كالصلاة والصوم. يقول كريشان : " في صائفة 1983 أصبحت مجموعة تضم المتشبثين والرافضين للعبادات، ومن أبرز المتشبثين نجد صلاح الدين الجورشي، أما الرافضون فمنهم زياد كريشان وعبد الحي بولعراس وهشام الحاجي. وكنا نعتقد أن الوحي تعبير عن فكرة كونية في لحظة من لحظات الوعي البشري، وبالتالي فإن انتهاء الوحي يؤدي إلى انتفاء الصيغة المقدسة للأفكار، كما أنها لا تؤمن ببعض الروايات التي تتحدث عن جبريل الذي ينزل بـ 800 جناح على الرسول محمد ليبلغه الوحي(19) .‏

وعندما حصل الانقلاب العسكري الأبيض في تونس بقيادة الجنرال زين العابدين بن علي، رحب الإسلاميون التقدميون بالسلطة الجديدة، وبادر حميدة النيفر ببعث رسالة مطولة للرئيس بن علي يهنئه فيها بحركة التغيير، ويطلعه على موقف الإسلاميين التقدميين من عدة قضايا ودورهم في تنشيط الحوار الثقافي. ويذكر صلاح الدين الجورشي أن فكرة المطالبة بجمعية ثقافية تعود إلى سنة 1984، لكن الحصول على التأشيرة كان في أواخر 1988 (20) . وتتركب هيئة هذه الجمعية الثقافية التي اسمها " منتدى الجاحظ " من صلاح الدين الجورشي رئيساً وحميدة النيفر ومحمد القوماني وزهير بن يوسف وسعاد الكوساني أعضاء (21) . ويتحدث الجورشي عن دوافع بعث هذه الجمعية فيقول : "منتدى الجاحظ أردناه أن يكون جمعية لتنشيط الأسئلة التي طرحناها وإحداث تواصل بيننا وبين الساحة الثقافية الواسعة فهو ليس حزباً مغلقاً وإنما هو إطار قانوني يخرجنا من الوضع السري ويمكن مجموعة من الشباب التي تسعى إلى تجديد الفكر الإسلامي من العمل داخل إطار قانوني والتفاعل الكلي مع الساحة الثقافية والفكرية " (22) .‏

دأب الإسلاميون التقدميون على نشر كتاباتهم الفكرية والسياسية ضمن مجلتهم " 15/21 "، وكذلك في بعض الصحف المستقلة مثل جريدة الرأي، واسهم البعض منهم في نشاط الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حيث وقع انتخاب عضوين من الإسلاميين التقدميين في الهيئة المديرة للرابطة في مؤتمرها الأخير في عام 1994، وهما صلاح الدين الجورشي ومحمد القوماني كما يوجد عناصر منهم في هيئات الفروع التابعة لهذه المنظمة.‏

أولوية الرؤية الثقافية‏

أعطى الإسلاميون التقدميون الأولوية في نشاطهم للمسألة الثقافية، على نقيض باقي الحركات الإسلامية التي تركز على الجانب السياسي. يقول النيفر بهذا الصدد " والذي اختلف فيه مع السيد الغنوشي من موقعي كإسلامي تقدمي هو أن الإسلام السياسي عاجز عن أي تغيير حقيقي مهما حسنت نواياه وانه لن يكون إلا أداة قمع وجور أن أمسك بالسلطة.. الذي ندعو إليه هو قلب الأولوية السياسية وتعويضها بالأولوية المجتمعية أو الإسلام المجتمعي ". ولا يعني ذاك أن التيار الإسلامي التقدمي لا يقدم طرحاً سياسياً بل يدعو إلى أن يسبق الفكر التنظيمي (23) . ويعتبر أن أولوية الثقافي على السياسي هو الذي كان سائداً في العهد الإسلامي الأول وهو ما سمح للإسلام بالانتشار عبر قرون طويلة. ويؤكد الجورشي الرؤية الثقافية للإسلاميين التقدميين في العناصر التالية :‏

- نؤكد على إيماننا بتعدد القراءات للإسلام والقرآن.‏

- نرفض السلفية كمنهج لفهم الدين وكأسلوب للتعامل مع الواقع ونظرة إلى التاريخ عموماً والتاريخ الإسلامي خصوصاً.‏

- نرفض تسييس العمل الإسلامي إذا لم تسبغه وتؤطره رؤية تجديدية تقدمية ونضج في الممارسة السياسية.‏

- نعتبر الفكر الإنساني وبالخصوص جوانبه التقدمية تراثاً لنا ورصيد التكامل مع إطارنا المعرفي وثروتنا التراثية العقلانية.‏

- لا نؤمن بأدلجة الدولة ونفصل بين الأحزاب الإسلامية وجهاز الدولة(24) .‏

لقد برزت خلافات فقهية بين الجورشي و النيفر تمحورت حول الموقف من قضية السلطة والدولة هل هي دولة إسلامية أم دولة مدنية ديمقراطية ؟.‏

يرى الجورشي أن " الدولة هي التي تتفهم وتستوعب روح الإسلام " ولم يحدد بالتالي المرجعية في السلطة : الله أم الشعب. في حين نجد طرحاً مغايراً لدى النيفر عندما يقول : " اعتقد أن الدولة إذا لم تكن قائمة على شرعية الوفاق أي وفاق أغلبية الأطراف المنتجة والقوى الفاعلة في المجتمع فهي إذاً ستكون دولة دكتاتورية سواء باسم الدين أو باسم البروليتاريا " (25) . وبالتالي فالمرجعية هنا هي الشعب وليس الله. لأن " الله " في نظر الإسلاميين التقدميين واليسار الإسلامي عموماً، هو الخير والحق والعدل وهو ما يسعى البشر إلى تحقيقه في الأرض (26) . وتتمحور نقطة الخلاف الثانية حول الموقف من العلمانية وفصل الدين عن الدولة، فالجورشي يرى أن "العلمانية التي تقوم على الفصل بين الدين والدولة لا تنجح في مجتمعاتنا. فنحن لا نؤمن بالفصل بين الدين والدولة وإنما بإعادة ترتيب العلاقة بينهما " (27) . أما النيفر فيؤكد " نحن مع الفصل بين الدين والدولة. ونعتقد أن العلمانية تعني أن تقف الدولة موقفاً حيادياً إزاء المعتقدات فليس من مهمة الدولة أن تفرض عقيدة معينة أو تحارب عقيدة أخرى. إذا كانت هذه هي العلمانية فهي مقبولة جداً في إطار الدولة الحديثة، بالتالي ليس من المفروض أن تمثل العلمانية معاداة للدين"(28) .‏

وفي مقالة نشرت بمجلة 15/21، تحت عنوان " الخطاب الديني المعاصر في تونس وإشكالية المشروع الحضاري " يقول الباحث مختار الفجاري إن " للتراث وظيفة مزدوجة فهو من ناحية يوفر استراتيجية التغيير السياسي، ومن ناحية أخرى يوفر نظرية التغيير الثقافي، في الأولى، الوظيفة إيديولوجية وفي الثانية الوظيفة معرفية ". وانطلاقاً من القراءة العقلانية للتراث يرى الإسلاميون التقدميون أن إقامة الحدود كما ورد بالنص القرآني، لم تعد قابلة اليوم للتطبيق بعد رواج مفهوم حقوق الإنسان واحترام الحريات العامة (29) .‏

يعطي " الإسلاميون التقدميون " الأولوية للنضال الفكري الثقافي، لاعتقادهم أن كل تحليل عميق للأزمة الشاملة التي تعيشها المجتمعات العربية الإسلامية يفضي إلى القول بأولوية العقلي والثقافي سواء في فهم آليات الأزمة أو في بلوغ تحديث اجتماعي واقتصادي وسياسي للمجتمع والدولة. و"الإسلاميون التقدميون " إذ يؤكدون من مواقعهم أن التغيير الشامل والحقيقي يتم عبر الدعوة والمشاركة في تحديث ذهنية العربي المسلم فإن ذلك لا يعني إلغاء للسياسي وإسقاط لدوره وإنما العمل لتأسيسه على أرضية فكرية. ليس هذا مصادرة على المطلوب وإنما هو مصلحة المعاينة للواقع ورصد سنن التغيير الاجتماعي واستقراء لماضي الأمة (30) .‏

يعتبر " الإسلاميون التقدميون " أن الأمة العربية والإسلامية تعرضت لاختراق كبير سياسي واقتصادي وعسكري وثقافي. وفي غضون ذلك، التجأت الجماهير الشعبية إلـى الاحتماء بموروثها الثقافي والعقائدي رغم انخراطها في النط الاستهلاكي الغربي. وقد شكل الإسلام التاريخي أهم واقية للوجود القومي، حيث وظفته حركات التحرر الوطني في بلدان المغرب العربي لتحقيق الاستقطاب والتعبئة ومقاومة الاستعمار الفرنسي. وعلى الرغم من حصول الاستقلال السياسي، وانخراط الدولة القطرية في علاقات غير متكافئة مع الغرب، وقيادتها أنماط فاشلة من التنمية عمقت ظاهرة التبعية والتهميش للمجتمعات العربية والاندماج في السوق الرأسمالية العالمية، إلا أن الإسلام بما يشكله من معطى حضاري وضرورة مجتمعية وأخلاقية، ومصدر أساسي للقيم عند الأمة لتشكل من جديد الحصن الثقافي للطبقات والفئات الشعبية. وكانت الظاهرة الإسلامية المعاصرة التجسيد السياسي والاجتماعي لذلك.‏

وإذا كان " الإسلاميون التقدميون " يعتبرون أن الإسلام إطاراً مرجعياً يستمدون منه أصول نظرتهم الفلسفية والأخلاقية والاجتماعية، إلا أنهم في الوقت علينه " يرفضون تحنيط الإسلام في قوالب جاهزة وادعاء نموذجه في الماضي ويعتبرونه رسالة عالمية تتشكل باستمرار في ضوء خصوصيات ودرجة الوعي بالمرحلة التاريخية التي تكون عليها حركة إسلامية ما في زمن ومكان محددين ويرون في الوعي التاريخي مدخلاً رئيسياً لتعميق الاجتهاد وتحديد العلوم الدينية. فالنقد الرئيسي الذي طالما وجه للفكر العربي الإسلامي الحديث افتقاده للوعي التاريخي وعدم كونيته. فهو يتشكل خارج إدراك أهم التحولات التي شهدتها الأمة والعالم " وهم إذ يعادون الإمبريالية التي تمارس أصناف العنف والإلحاق لتحفظ موازين القوى العالمية لصالحها يدركون أن الغرب ليس مسؤولاً عن أسباب انحطاط الشعوب الإسلامية، فالانحطاط كان سابقاً على الاستعمار ومستمراً مع اختلاف سياساته ومراحله. الانحطاط نتاج داخلي من أهم مظاهره توقف أو انحسار النزعة العقلانية المشرعة للاجتهاد. أما الغرب فكما أنتج الاستعمار أنتج أيضاً ما جعله سيد الموقف وموجه الحضارة. لذا فالإسلاميون التقدميون لا يعادون الغرب من منطلقات دينية أو عرقية كما يعتقد غيرهم وإنما يواجهون مشروعه الهيمني التوسعي المستتبع للشعوب والطامس لثقافاتها إلا أنهم يعتبرون من سمات اللاوعي التاريخي شطب الغرب كلياً والقول بضرورة القطع معه والقفز فوقه (31) .‏

إن الإسلاميين التقدميين يقدرون عالياً حركة التنوير الأوروبية التي قادت إلـى انتصار العقلانية التي حققت قطائع استمولوجية في الفكر الغربي، وهم يدعون إلـى تحقيق إصلاح جذري وسلس لنهضة فكرية شاملة تقضي على مخلفات الجمود والعطالة في الفكر العربي - الإسلامي، شريطة " أن لا يتحول الغرب إلـى نموذج يحكم مشاريعياً ويصبح ماضي أوروبا مستقبلياً بل نحتاج إلـى وعي لحظة الفكر العربي واستيعابه ونقده حتى نرجعه إلـى حدوده الطبيعية دونما توتر وانغلاق.. . على أن أزمة العقلانية الأوروبية التي أنتجت الرأسمالية والاستعمار وخلقت توتراً في الضمير والشخصية تعود إلـى خصوصيات الوعي الغربي، وهي ليست حجة ضد عقلية وتنوير مجتمعاتنا. فللحضارة الأوروبية ضرورتها وحدودها ولواقعنا حصانته ومتطلباته (32) .‏

والحال هذه، فإن الإسلاميين التقدميين يرفضون كل نظرة كليَّانية أو إلحاقية باسم الإسلام، كما يرفضون أيضاً اللجوء إلـى التكفير كوسيلة قصوى لحسم الخلافات ومصادرتها، ويرون أن الاختلاف ليس مجرد حق بل ضرورة باعتبار الاختلاف سنة كونية وتاريخية. لهذا فهم يفرقون بين الإسلام والفكر الإسلامي، والاختلاف في فهم الإسلام استجابة منطقية لطبيعة الوعي.‏

الرؤية الاقتصادية والاجتماعية‏

منذ انطلاقهم، كانت رؤية الإسلاميين التقدميين تتمحور حول بناء مجتمع مثالي خالٍ من الطبقات، أي مجتمع التوحيد اللاطبقي. غير أنهم استبدلوا لاحقاً بهذا الشعار شعاراً آخر هو المجتمع الاشتراكي الديمقراطي. يقول الجورشي " من النقاشات التي دارت بيننا في المدة الأخيرة، مسألة الصراع الطبقي. وانتهينا إلى أن مفهوم الطبقة مفهوم غربي مرتبط بالبروجوازية ويشرح تطوراً اجتماعياً للغرب، وبالتالي لا ينطبق على مجتمعاتنا ولم نعد نعتمد كثيراً على المفهوم الماركسي للطبقة وللصراع الطبقي. فنحن نقترب من الاشتراكية الديمقراطية ونتمسك بالعدالة الاجتماعية وبالبحث عن علاقة جديدة بين الدولة والمجتمع، ونتمسك بالدفاع عن توزيع جديد للثروة ولكننا الآن لا نمتلك اختيارات دقيقة " (33) .‏

في ظل الإرهاصات التي شهدتها الحركة الإسلامية التونسية، والتطورات والتغييرات الجذرية التي حصلت في عقد التسعينات منذ نهاية الحرب البادرة، لم يستطع اتجاه الإسلاميين التقدميين أن يصمد كثيراً، لجهة تقديمه اجتهاداته الخاصة، وأجوبته العقلانية حول أهم المعضلات التي فرضت نفسها عربياً وعالمياً. فالقيادة التاريخية لتيار الإسلاميين التقدميين لم يبق منها سوى شخصين هما حميدة النيفر وصلاح الدين الجورشي، مع العلم أن النيفر كان له دور فكري فحسب. وفضلاً عن ذلك، فقد تعمقت الخلافات الفكرية بين أقطاب هذا التيار وأسهمت هذه الاختلافات في تعزيز عدم التماسك والانسجام الفكري داخل هذا التيار.‏

وانتقلت هذه الاختلافات من الحيز الفلسفي إلى الحيز السياسي، حيث الموقف من أزمة الخليج الثانية كشف لنا مدى التناقضات الواضحة. فالنيفر يرى أن ضرب العراق يندرج في إطار رغبة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في تحطيم كل بناء عسكري إقليمي، وبالتالي ليس هناك موجب لمعاداة العراق في حرب الخليج، كما أنه ليس هناك ما يبرر احتلال الكويت (34) . في حين يدين الجورشي بشدة سياسة العراق التي عمقت في رأيه واقع الهزيمة والتخلف لدى العرب فهو يقول : "كنت ولا أزال أعتقد أن صدام حسين ارتكب أخطاء قاتلة واستراتيجية لا تتعلق بالمأساة التي يعيشها الشعب العراقي، وإنما تتعلق بالمآزق التي تعيشها المنطقة ككل. وما خيار غزة وأريحا إلا إحدى نتائج سياسة صدام حسين في المنطقة " (35) .‏

وفيما يتعلق بالاعتراف بحركة النهضة من قبل سلطة السابع من نوفمبر يرى النيفر أن لا ضرورة للاعتراف بحركة النهضة الاتجاه الإسلامي سابقاً)، في حين يعتبر الجورشي أن الاعتراف بهذه الحركة يندرج في إطار سياسة عدم الإقصاء ويسهم من ثم في ترشيدها(36) .‏

(1) - علية العلاني - الإسلاميون التقدميون بتونس 1979 - 1991 - دراسة منشورة في المجلة التاريخية المغاربية أيار 1998 ص 505). في لقاء خاص أجرته د. علية مع حميدة النيفر في 11 كانون ثاني 1994 بتونس، وسألته عن محتوى المقال الذي لم ينشر، قال النيفر " تحدثت في هذا المقال عن شخصية حسن البنا الذي كان يعمل على أساس عمل إسلامي شرعي قانوني غير سري. ثم انحرف العمل الإسلامي من بعده على أيدي جماعات أخرى مثل سيد قطب وغيره، واعتبرت أن هذا مؤشر ينبغي أن نتأمل فيه حتى لا نقع في مثل هذه الأخطاء. واعتبر أصحاب المجلة أن هذه الأفكار تثير البلبلة في صفوف الحركة وبالتالي لا فائدة في نشرها، لأن مهمة المجلة في رأيهم توحيد الصفوف وليس نشر غسيل الحركات الإسلامية.‏

(2) - المرجع السابق عينه ص 506) - أنظر لقاء خاص مع النيفر.‏

(3) - المرجع السابق عينه ص 506 ) انظر لقاء خاص أجرته د. عليه مع صلاح الدين الجورشي في 15 شباط 1996 بتونس.‏

(4) - صلاح الدين الجورشي - محمد القوماني - عبد العزيز التميمي - المقدمات النظرية للإسلاميين التقدميين - دار البراق للنشر - تونس - الطبعة الأولى 1989 ص 13 ).‏

(5) - طرحت تناولات نقدية عديدة حول رفض المودودي المستمر للعمل السري و كيف ان مواقفه المنتقدة للسرية تجد تفسيرها وتبريرها في السياق الباكستاني. أما حسن البنا فيعاب عليه رفضه لتعميق النضالات خوفاً من حدوث الفتنة الحرب الأهلية ) وقبوله الظرفي بلعبة انتخابية ديمقراطية لم تكن في مصلحته.‏

(6) - بخصوص موقف الإسلاميين التونسيين من حسن البنا والمودودي والخميني، يراجع " قادة الحركة الإسلامية الحديثة " في مجلة المعرفة عدد 4 نيسان / أبريل 1979 ص 12-13). تجدر الاشارة إلى أن السوري العطار والمصري سيد قطب يعتبران من قادة الحركة الإسلامية الروحيين.‏

(7) - المعرفة - العدد السادس - حزيران 1979 ص 15 ).‏

(8) - مجلة النهار العربي والدولي 6/7/1981.‏

(9) - علية العلاني - مرجع سابق ص 508) انظر أيضاً اللقاء الذي أجرته مع زياد كريشان بتاريخ 3 شباط 1994.‏

(10) - صلاح الدين الجورشي - محمد القوماني - عبد العزيز التميمي - مرجع سابق ص 15 ).‏

(11) - علية العلاني - مرجع سابق ص 510) - وقد ذكر كريشان في لقائه الخاص مع علية بأن حميدة النيفر لم يحضر الاجتماع التأسيسي في 10 أيار 1980، ولم يلتحق بالتنظيم إلا في حزيران 1980، كما تغيب في مؤتمر منزل تميم.‏

(12) - انظر المقابلة التي أجرتها مجلة " تونس الشهيدة " - السنة الثالثة - العدد الخامس والثلاثون - حزيران / تموز 1996 - مع الشيخ راشد الغنوشي ص 23 ).‏

(13) - علية العلاني - مرجع سابق ص 511 ). أنظر أيضاً لائحة التيار بعنوان " في الفكر الإسلامي التقدمي " مجلة 15/21) عدد 13 1986 ص 26 ).‏

(14) - المرجع سابق ص 511 ) انظر أيضاً شهادة كريشان بتاريخ 3 شباط 1994.‏

(15) - المودودي " النظرة السياسية للاسلام " ص 30).‏

(16) - علية العلاني - مرجع سابق ص 512)، أنظر أيضاً شهادة كريشان بتاريخ 3 شباط 1994.‏

(17) - علية العلاني - مرجع سابق ص 520)‏

(18) - شهادة كريشان بتاريخ 2 شباط 1994.‏

(19) - شهادة كريشان بتاريخ 2 شباط 1994.‏

(20) - علية العلاني - مرجع سابق ص 525 )‏

(21) - المرجع السابق عينه، انظر أيضاً شهادة الجورشي بتاريخ 15 شباط 1994.‏

(22) - المرجع السابق عينه، انظر أيضاً شهادة الجورشي بتاريخ 15 شباط 1994.‏

(23) - المرجع السابق عينه ص 526)، انظر أيضاً لقاء خاص أجرته د. علية مع حميدة النيفر بتاريخ 11 كانون ثاني 1994.‏

(24) - المرجع السابق عينه، انظر أيضاً حوار الجورشي منشور بمجلة حقائق عدد 72 تاريخ حزيران 1985 ص 5 ).‏

(25) - المرجع السابق عينه ص 527 )، انظر أيضاً لقاء خاص مع حميدة النيفر تاريخ 11 كانون الثاني 1994.‏

(26) - يطالب الدكتور حسن حنفي بنقل " الله " من معركة السماء لنخوض به معركة الأرض. انظر أيضاً مختار الفجاري : " الخطاب الديني المعاصر في تونس وإشكالية المشروع الحضاري مجلة 15/21) نموذجا شهادة الكفاءة في البحث - قسم العربية - كلية الآداب بمنوبة 1991 ص 88 - 89 ). ويقول كريشان بهذا الصدد "إن طريقنا إلى الديمقراطية يمر حتما عبر تحطيمنا ونبذنا للتصور الهرمي للعالم " رب متعال للعالم وعبد لا حول له ولا قوة. كريشان زياد - مقارنة إسلامية تقدمية - صحيفة الرأي عدد 341 تاريخ 4 اكتوبر 1985 ص 6 ).‏

(27) - لقاء خاص أجرته د. علية مع الجورشي بتاريخ 15 شباط 1994.‏

(28) - علية مرجع سابق ص 527) - لقاء خاص مع حميدة النيفر.‏

(29) - المرجع السابق عينه، انظر أيضاً شهادة الجورشي بتاريخ 15 شباط 1994.‏

(30) - صلاح الدين الجورشي وآخرون - مرجع سابق ص 26 ).‏

(31) - المرجع السابق ص 33 - 34 ).‏

(32) - المرجع السابق ص 37 ).‏

(33) - علية المرجع السابق عينه ص 528 ).‏

(34) - المرجع السابق عينه ص 529 )، انظر أيضاً شهادة حميدة النيفر بتاريخ 11 كانون ثاني‏

1994.‏

(35) - المرجع السابق عينه ص 530 )، انظر أيضاً شهادة صلاح اليدن الجورشي بتاريخ 15 شباط 1994.‏

(36) - في لقاء خاص أجرته د. علية مع صلاح الدين الجورشي 1994 ذكر " أن حركة الاتجاه الإسلامي تورطت في العنف ككل حزب يمكن أن يتورط في مثل هذه الأعمال، لكن هذا ليس مبرراً من حيث المبدأ حرمان التنظيمات من حقها في التواجد. لكن نقول بأن كل حركة تتورط في العنف تتحمل مسؤولياتها. ونلاحظ أيضاً أن هناك حركات ماركسية أو قومية تورطت في العنف، لكن هذا لا يعني حرمانها من حق العمل والتواجد".‏

مشاهده: 2347 | أضاف: HichemSellini | الترتيب: 2.0/1
مجموع المقالات: 1
1 Jordan  
0
هی من می دانم که این موضوع غیر فعال است، اما من میخواستم بدونم که اگر شما از هر گونه ویدجت من می توانم به وبلاگ من است که به طور خودکار به روز رسانی توییتر جدیدترین من صدای جیر جیر اضافه می دانستند. من شده است به دنبال یک پلاگین در شبیه به این برای مدتی و امیدوار بود شاید شما می توانید برخی از تجربه با چیزی شبیه به این داشته باشد. لطفا من می دانم که اگر شما را به هر چیزی اجرا بگذارید. من واقعا لذت بردن از خواندن وبلاگ شما و من مشتاقانه منتظر به روز رسانی های جدید خود را . поисковое продвижение сайтов http://www.dv-magic.ru/internet-prodvizhenie/

الاسم *:
Email *:
كود *:
التقويم
«  أبريل 2011  »
إثثأرخجسأح
    123
45678910
11121314151617
18192021222324
252627282930
أرشيف السجلات
تصويتنا
قيم موقعي
مجموع الردود: 50
إحصائية

المتواجدون الآن: 1
زوار: 1
مستخدمين: 0

Copyright MyCorp © 2024